تعلم الفوركس
أخر الأخبار

تعلم كيف تؤثر سياسات البنوك المركزية على سوق الفوركس

تعلم كيف تؤثر سياسات البنوك المركزية على سوق الفوركس

السياسات النقدية التي تحدد أسعار الفائدة
البنوك المركزية

تعد البنوك المركزية حجر الزاوية والمحرك الأساسي في الاقتصاد العالمي. فهي المسؤولة عن وضع السياسات النقدية التي تحدد أسعار الفائدة، والسيطرة على التضخم، وضمان استقرار الأنظمة المالية في الدول. دورها لا يقتصر فقط على التنظيم الداخلي للاقتصاد، بل يمتد ليؤثر في الأسواق العالمية، بما في ذلك سوق الفوركس (العملات) وحركة السلع مثل النفط والذهب، وكذلك المؤشرات العالمية للأسواق المالية.

فهم سياسات البنوك المركزية يُعد أمرًا مهما لكل من المستثمرين والمتداولين في الأسواق المالية. هذه السياسات تؤثر بشكل كبير على السيولة و حركة أسعار العملات، وتحدد اتجاهات السلع، وتؤثر في أداء الأسهم والاقتصاد العالمي بشكل عام. في هذا المقال، سنناقش كيف تؤثر سياسات البنوك المركزية على سوق الفوركس، السلع، والمؤشرات العالمية.

القسم الأول: دور البنوك المركزية في الاقتصاد العالمي

ما هي البنوك المركزية؟

البنك المركزي هو أكبر مؤسسة مالية تقع في قلب السياسة النقدية لأي دولة أو اتحاد اقتصادي. يتمثل دور البنك المركزي في أتخاذ أجراءات قرارات مهمة لضمان استقرار النظام المالي، والتحكم في عرض النقود، وضبط معدلات الفائدة، وتوجيه الاقتصاد عبر اتخاذ قرارات استراتيجية تساهم في الحد من التضخم وتفادي الركود.

من أبرز البنوك المركزية التي تؤثر في الاقتصاد العالمي:

  • الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Federal Reserve): البنك المركزي للولايات المتحدة الأمريكية. يعتبر من أكبر البنوك المؤثرين في الاقتصاد العالمي بفضل أرتباط وهيمنة الدولار الأمريكي في معظم الأسواق المالية.
  • البنك المركزي الأوروبي (ECB):  يعتبر ثاني أكبر بنك مركزي ويكون مسؤول عن السياسة النقدية في منطقة اليورو، ويؤثر بشكل كبير في الدول الأوروبية والأسواق العالمية.
  • بنك اليابان (BOJ): يلعب دورًا كبيرًا في أسواق الفوركس، خاصة في ظل سياسة التيسير الكمي التي يتبعها ويتعبر له اهمية خاصة بسبب اعتبار الين مع أهم الملاذات الأمانة في الأسواق العالمية .

أهم الأدوات الرئيسية التي تستخدمها البنوك المركزية:

  1. أسعار الفائدة: أسعار الفائدة هي الأداة الرئيسية التي تستخدمها البنوك المركزية للتحكم في العرض النقدي. عندما يرفع البنك المركزي الفائدة، تصبح تكلفة الاقتراض أعلى، مما يؤدي إلى تقليل الإنفاق والاستثمار، ويدفع العملة الى الأرتفاع ,وبالتالي يقل التضخم. والعكس صحيح ، خفض الفائدة يجعل الاقتراض أرخص ويشجع على زيادة الإنفاق.

في أسواق الفوركس، تعتبر أسعار الفائدة من العوامل الأساسية التي تحدد قيمة العملة. على سبيل المثال، رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة يعزز من قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى.

  1. التيسير الكمي: هو سياسة نقدية غير تقليدية يستخدمها البنك المركزي عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة للغاية ولا يمكن خفضها أكثر من حد معين . يتضمن التيسير الكمي ضخ الأموال في النظام المالي عن طريق شراء السندات الحكومية أو الأصول المالية الأخرى. هذه السياسة تهدف إلى زيادة السيولة في السوق وتحفيز الاقتصاد، ولكنها قد تؤدي إلى انخفاض قيمة العملة في الأسواق العالمية.
  2. التدخلات في سوق الصرف الأجنبي: قد تتدخل البنوك المركزية بشكل مباشر في أسواق الفوركس من خلال شراء أو بيع عملتها المحلية للحد من تقلباتها وضبط قيمتها. يحدث هذا عادةً عندما تكون هناك تقلبات كبيرة في سعر العملة تهدد استقرار الاقتصاد , وعند حدوث تدخل تحدث حركة عالية في اللأسواق .

 

في هذا القسم، تم التعريف بالدور الأساسي للبنوك المركزية وأدواتها الرئيسة في التحكم بالاقتصاد.

الآن، لننتقل إلى القسم الثاني لنتناول تأثير سياسات البنوك المركزية على سوق الفوركس.

القسم الثاني: تأثير سياسات البنوك المركزية على سوق الفوركس

سوق الفوركس، أو سوق تبادل العملات الأجنبية، هو أكبر الأسواق المالية في العالم من حيث حجم التداول ورأس المال الموجد فيه، حيث يتم فيه تبادل العملات على مدار 24 ساعة. تعد سياسات البنوك المركزية من العوامل الرئيسية التي تؤثر في حركة العملات في هذا السوق، حيث تساهم هذه السياسات في تحديد الاتجاهات الرئيسية للأسواق المالية.

  1. أسعار الفائدة وسوق الفوركس:

تعتبر أسعار الفائدة من أهم العوامل التي تساعد على تحديد اتجاهات العملات في سوق الفوركس. عندما يرفع البنك المركزي سعر الفائدة، يصبح العائد على الأصول المالية المرتبطة بهذه العملة أعلى، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين. هذا يرفع الطلب على العملة المحلية ويزيد من قيمتها.

على سبيل المثال، عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) سعر الفائدة، فإن الدولار الأمريكي عادة ما يحقق مكاسب أمام العملات الأخرى. هذا لأن المستثمرين يتجهون للاستثمار في الدولار الأمريكي لتحقيق عوائد أعلى، مما يزيد من الطلب عليه ويعزز قيمته.

بالمقابل، إذا قرر البنك المركزي خفض أسعار الفائدة، فإن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة، حيث يصبح العائد على الأصول المالية المرتبطة بها أقل جاذبية، مما يقلل الطلب عليها.

  1. التيسير الكمي والآثار على الفوركس:

على مستوى سوق الفوركس، تؤدي هذه السياسة إلى زيادة المعروض من العملة المحلية، مما قد يضغط على قيمتها. على سبيل المثال، عندما ينفذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أو البنك المركزي الأوروبي التيسير الكمي، فإنه يتم ضخ كميات كبيرة من الدولارات أو اليوروهات في الأسواق، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة. لذلك، عادةً ما يؤدي التيسير الكمي إلى تقلبات ملحوظة في سوق الفوركس.

  1. السياسة النقدية وتذبذب العملات:

تتسبب سياسات البنوك المركزية في تقلبات وحركات قوية و ملحوظة في سوق الفوركس، حيث يترقب المتداولون بفارغ الصبر قرارات البنوك المركزية المتعلقة بأسعار الفائدة والتيسير الكمي. حيث أن التذبذب في أسعار العملات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتوقعات المتداولين بشأن التحركات المستقبلية للبنك المركزي.

على سبيل المثال، إذا كان البنك المركزي ينوي رفع أسعار الفائدة في المستقبل، فإن السوق يبدأ في تحريك العملة المحلية في الاتجاه الصحيح قبل الإعلان الرسمي، مما يؤدي إلى تقلبات في أسعار العملات. المتداولون والمستثمرون يتخذون قرارات بناءً على هذه التوقعات، مما يؤدي إلى تحركات كبيرة في أسواق الفوركس.

أيضًا، يمكن أن يؤدي أي تغيير مفاجئ في السياسة النقدية إلى تقلبات غير متوقعة، حيث تستجيب الأسواق بشكل سريع لهذا التغيير، مما يزيد من التذبذب ويخلق فرصًا للمتداولين الذين يتبعون أسواق الفوركس بشكل دقيق.

 

لقد استعرضنا الآن تأثير أسعار الفائدة والتيسير الكمي على سوق الفوركس.
الآن، ننتقل إلى القسم الثالث لنتحدث عن تأثير سياسات البنوك المركزية على حركة السلع.

القسم الثالث: تأثير سياسات البنوك المركزية على حركة السلع

السلع مثل النفط، الذهب، والفضة تعتبر من الأصول التي تتأثر بشكل كبير بسياسات البنوك المركزية. وفضلا عن كونها تعتبر من الملاذت الأمانة وفي الأخص الذهب وذلك لأن تحركات السياسات النقدية، مثل تغيير أسعار الفائدة أو تطبيق التيسير الكمي، لها تأثير مباشر وغير مباشر على عرض وطلب السلع. تأثير هذه السياسات يمكن أن يكون في شكل تقلبات في الأسعار أو تغيير في الاتجاهات طويلة المدى للسلع الأساسية.

  1. العلاقة بين السياسات النقدية وأسعار السلع:

تؤثر السياسات النقدية للبنك المركزي على أسعار السلع بشكل رئيسي من خلال تأثيرها على مستويات التضخم والطلب العام في الاقتصاد. على سبيل المثال، عندما يقرر البنك المركزي خفض أسعار الفائدة أو تنفيذ سياسة التيسير الكمي، فإن ذلك يخلق بيئة من السيولة الزائدة في الاقتصاد، مما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع، لا سيما السلع الثمينة مثل الذهب.

  • الذهب: يعتبرملاذًا آمنًا خلال فترات التضخم أو انخفاض قيمة العملة أو عند حدوث حدث سياسي مهم . فعندما يقوم البنك المركزي بتوسيع المعروض النقدي عبر التيسير الكمي أو خفض أسعار الفائدة، قد يتجه المستثمرون إلى شراء الذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة. الذهب يعد من الأصول التي ترتبط ارتباطًا عكسيًا مع معدلات الفائدة، حيث أن انخفاض الفائدة يعزز الطلب عليه.
  • النفط: على الرغم من أن النفط ليس مرتبطًا بشكل مباشر بالسياسات النقدية، إلا أن التغييرات في أسعار الفائدة تؤثر في التكلفة الاقتصادية والإنتاجية، مما يؤثر بدوره على العرض والطلب على النفط. فعلى سبيل المثال، إذا كان البنك المركزي الأمريكي يرفع أسعار الفائدة في وقت معين، فقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، مما يقلل من الطلب على النفط, ولكن يكون تاثير عليه محدود .
  1. أسعار الفائدة وحركة السلع:

تعتبر أسعار الفائدة أحد الأدوات الرئيسية للبنك المركزي للتأثير في الأسواق . عندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، فإن ذلك يساهم في تقليل السيولة في الأسواق ويزيد من تكلفة التمويل، مما يؤدي إلى تقليل الطلب على السلع.

على سبيل المثال:

  • الذهب: عندما تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة، تتراجع عادة أسعار الذهب لأن العائد على السندات أو الأصول المالية الأخرى يصبح أكثر جاذبية مقارنة بالذهب الذي لا يدر عائدًا ثابتًا. لذلك، عادةً ما يحدث انخفاض في سعر الذهب في فترات رفع الفائدة ,والعكس صحيح .
  • النفط: بالنسبة للنفط، فإن رفع أسعار الفائدة يمكن أن يؤدي إلى تقليل الطلب على السلع بشكل عام، وبالتالي قد يشهد النفط انخفاضًا في الأسعار بسبب تراجع النشاط الاقتصادي.
  1. التيسير الكمي وأثره على سوق السلع:

تتمثل سياسة التيسير الكمي في ضخ الأموال في النظام المالي عن طريق شراء الأصول المالية من قبل البنك المركزي. هذه العملية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي في فترات الركود، لكنها تؤدي أيضًا إلى زيادة السيولة في الاقتصاد، مما يعزز الطلب على السلع الأساسية.

  • الذهب: في فترات التيسير الكمي، يكون هناك زيادة في الطلب على الذهب كأداة للتحوط ضد التضخم وانخفاض قيمة العملة. ولذلك، عادةً ما نشهد زيادة في أسعار الذهب عندما يتم تنفيذ برامج التيسير الكمي في الاقتصادات الكبرى.
  • النفط: التيسير الكمي يمكن أن يؤدي إلى زيادة في السيولة وارتفاع الطلب على السلع مثل النفط. بفضل سياسة التيسير، تنخفض تكلفة التمويل، مما يعزز استثمار الشركات في القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على النفط، مما يزيد من الطلب على النفط .

من خلال هذه السياسات وهذه القرارات ، تصبح حركة السلع أكثر تقلبًا وتتأثر بتوجهات السياسات النقدية للبنوك المركزية، التي تساهم في تقلبات الأسعار بناءً على العرض والطلب في الاقتصاد العالمي.

 

في هذا القسم، استعرضنا العلاقة بين السياسات النقدية للبنوك المركزية وأسعار السلع مثل الذهب والنفط.
الآن، ننتقل إلى القسم الرابع لنناقش تأثير هذه السياسات على المؤشرات العالمية.

القسم الرابع: تأثير سياسات البنوك المركزية على المؤشرات العالمية

تعتبر المؤشرات العالمية مثل مؤشر داو جونز الأمريكي وناسداك وFTSE 100 في المملكة المتحدة من أبرز أدوات قياس الأداء الاقتصادي في الأسواق المالية. هذه المؤشرات تتأثر بشكل كبير في قرارات و سياسات البنوك المركزية، حيث أن قرارات السياسة النقدية تؤثر في أسواق الأسهم والمستثمرين بشكل عام. في هذا القسم، سنناقش كيفية تأثير سياسات البنوك المركزية على المؤشرات العالمية.

  1. تأثير السياسة النقدية على أسواق المؤشرات:

قرارات البنوك المركزية المتعلقة بأسعار الفائدة أو برامج التيسير الكمي تؤثر بشكل مباشر في أسواق المؤشرات والمستثمرين. عندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، غالبًا ما يتم تخفيض قيمة المؤشر في الأسواق المالية. وذلك لأن ارتفاع الفائدة يزيد من تكلفة الاقتراض، مما يؤدي إلى تقليل استثمارات الشركات وبالتالي انخفاض أرباحها في المستقبل. كما أن ارتفاع الفائدة يجعل الأصول الأخرى مثل السندات أكثر جذبًا للمستثمرين مقارنة بأسواق الأسهم.

على العكس، عندما يقرر البنك المركزي خفض أسعار الفائدة، فإن ذلك يجعل الأسهم أكثر جذبًا للمستثمرين، حيث أن تكاليف الاقتراض تصبح أقل وبالتالي يمكن للشركات أن تحقق أرباحًا أعلى. هذا عادة ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأسهم، مما يعزز قيمة المؤشرات مثل داو جونز وناسداك و . sp500


الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
: قرارات الفيدرالي تؤثر بشكل كبير على أسواق المؤشرات و الأسهم الأمريكية والعالمية. عندما يتخذ الفيدرالي قرارًا بتخفيض أسعار الفائدة أو يعلن عن برنامج التيسير الكمي، فإن أسواق الأسهم العالمية عادة ما تشهد انتعاشًا بسبب زيادة السيولة في النظام المالي.

البنك المركزي الأوروبي:  البنك المركزي الأوروبي له أيضًا تأثير كبير على المؤشرات ولأسهم الأوروبية. عندما يغير البنك المركزي الأوروبي سياسته النقدية، تتأثر أسواق الأسهم في منطقة اليورو بشكل ملحوظ.

  1. التيسير الكمي وأثره على حركة المؤشرات العالمية:

التيسير الكمي يعد أداة تستخدمها البنوك المركزية للتعامل مع حالات الركود أو التضخم المنخفض. من خلال زيادة في ضخ الأموال في النظام المالي عبر شراء الأصول المالية مثل السندات الحكومية، فإن التيسير الكمي يساهم في رفع السيولة في الأسواق. هذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم والمؤشرات  في أسواق المال.

في العديد من الحالات، أظهرت الدراسات أن التيسير الكمي يؤدي إلى زيادة في أسعار الأسهم في أسواق مثل داو جونز وFTSE 100، حيث أن المستثمرين يتجهون إلى الأصول ذات العوائد العالية مثل الأسهم بدلاً من السندات ذات العوائد المنخفضة.

البنك المركزي الياباني: بنك اليابان هو من البنوك التي استخدمت التيسير الكمي بشكل كبير، وقد أدى ذلك إلى تأثيرات ملحوظة على أسواق الأسهم اليابانية والعالمية. حيث أن التيسير الكمي يساهم في رفع أسعار الأسهم المحلية، وفي زيادة السيولة العالمية.

  1. دور البنوك المركزية في الاستقرار المالي:

من الأدوار الأساسية للبنك المركزي هو ضمان استقرار النظام المالي. سياسات مثل رفع أو خفض أسعار الفائدة يمكن أن تؤثر في استقرار الأسواق المالية، مما ينعكس في تقلبات مؤشرات الأسهم. على سبيل المثال، خلال فترات التوسع النقدي والتيسير الكمي، يتدفق رأس المال إلى أسواق الأسهم مما يدعم أسعار المؤشرات العالمية. بينما خلال فترات تقليص السيولة أو رفع أسعار الفائدة، قد تحدث موجات بيع في الأسواق، مما يؤدي إلى انخفاض المؤشرات.

في الوقت نفسه، قد تلجأ البنوك المركزية إلى التدخل المباشر في الأسواق، كما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، حيث قامت البنوك المركزية الكبرى بضخ كميات ضخمة من الأموال في النظام المالي بهدف استقرار الأسواق ومنع انهيارها.

لقد استعرضنا في هذا القسم تأثير سياسات البنوك المركزية على أسواق الأسهم والمستثمرين، وكيف يمكن أن تتأثر المؤشرات العالمية مثل داو جونز وناسداك بشكل كبير بتلك السياسات.
الآن ننتقل إلى القسم الخامس حيث سنناقش بعض الأمثلة العملية التي توضح تأثير سياسات البنوك المركزية على الأسواق.

القسم الخامس: أمثلة عملية لتأثير سياسات البنوك المركزية

سنعرض بعض الأمثلة العملية التي توضح كيف يمكن أن تؤثر سياسات البنوك المركزية على الأسواق المالية، خاصةً في أسواق العملات (الفوركس)، السلع، والمؤشرات العالمية. سنركز على تأثير قرارات بعض البنوك المركزية الكبرى مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، البنك المركزي الأوروبي، وبنك اليابان على الأسواق.

  1. تأثير قرارات الفيدرالي الأمريكي على الأسواق:

يراقب المستثمرون والمتداولون عن كثب تصريحات الفيدرالي بشأن معدلات الفائدة، لأن هذه القرارات تساهم في تحديد اتجاه الدولار الأمريكي الذي يعتبر العملة الأكثر تداولًا في العالم.

على سبيل المثال، في عام 2015، عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية 2008، شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا مقابل العملات الأخرى مثل اليورو والين الياباني. قرار رفع الفائدة جاء بعد سنوات من سياسة التيسير الكمي التي انتهجها الفيدرالي لمكافحة الركود الاقتصادي بعد الأزمة المالية. هذا التغيير في السياسة النقدية كان له تأثير كبير على سوق الفوركس وأدى إلى تقلبات كبيرة في أسعار الدولار الأمريكي.

  • الذهب: عندما يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة أو يطبق برامج التيسير الكمي، يميل الذهب إلى الارتفاع كملاذ آمن. على سبيل المثال، خلال الأزمة المالية 2008، عندما كان الفيدرالي يخفض الفائدة بشكل مستمر ويعتمد التيسير الكمي، شهدنا زيادة كبيرة في أسعار الذهب.
  1. دور البنك المركزي الأوروبي في التأثير على الأسواق:

البنك المركزي الأوروبي (ECB) له تأثير كبير في أسواق المال الأوروبية والعالمية، خاصةً في منطقة اليورو. خلال عام 2015، قرر البنك المركزي الأوروبي تنفيذ برنامج التيسير الكمي لدعم اقتصادات منطقة اليورو، التي كانت تواجه تهديدًا من الركود والتضخم المنخفض. عندما تم الإعلان عن هذا القرار، شهد اليورو انخفاضًا كبيرًا أمام الدولار الأمريكي، بينما ارتفعت أسعار الأسهم في منطقة اليورو.

  • اليورو وأسواق السلع: انخفاض اليورو بعد قرارات التيسير الكمي في عام  2015 أثر بشكل كبير على أسواق السلع مثل النفط، حيث زاد الطلب على السلع المقومة بالدولار الأمريكي، مما دفع أسعار النفط إلى الارتفاع. في هذه الحالة، كانت السياسات النقدية للبنك المركزي الأوروبي تؤثر بشكل غير مباشر على أسعار النفط.
  1. تأثير بنك اليابان على أسواق الفوركس:

بنك اليابان (BOJ) هو أحد البنوك المركزية التي تستخدم بشكل مكثف سياسة التيسير الكمي لزيادة السيولة في الاقتصاد وتحفيز النمو. حيث أن على فترات طويلة كانت اليابان تعاني من سنوات من التضخم المنخفض والنمو البطيء، فإن بنك اليابان بدأ في ضخ الأموال بشكل مكثف منذ عام 2013 في محاولة لتحفيز وتنشيط الاقتصاد.

على سبيل المثال، بعد إعلان بنك اليابان عن سياسات التيسير الكمي الضخمة في عام 2013، شهدنا تراجعًا كبيرًا في قيمة الين الياباني، حيث هبط الين بشكل ملحوظ أمام الدولار الأمريكي. هذا التراجع في قيمة الين كان له تأثيرات كبيرة على أسواق الفوركس، حيث استفاد المتداولون من حركة العملة لتحقيق أرباح.

  • أسواق الأسهم اليابانية: على الجانب الآخر، أسواق الأسهم اليابانية شهدت ارتفاعًا قويا بعد هذه السياسات، حيث أن التيسير الكمي زاد من السيولة في النظام المالي ورفع من الطلب على الأسهم.

 

الخاتمة:

فيما سبق نجد ان قرارت و سياسات البنوك المركزية لها تأثير بشكل كبير في أسواق الفوركس، السلع، والمؤشرات المالية العالمية. من خلال الأدوات التي تستخدمها مثل أسعار الفائدة والتيسير الكمي، تستطيع البنوك المركزية توجيه حركة العملات، تحديد اتجاهات أسعار السلع مثل الذهب والنفط، والتأثير على أداء الأسواق المالية بشكل عام.

من خلال متابعة قرارات البنوك المركزية  ودراسة وفهم  تأثيراتها، يمكن للمستثمرين والمتداولين اتخاذ قرارات استثمارية أكثر وعيًا واستفادة من الفرص التي تخلقها هذه السياسات.

إن فهم العلاقة بين السياسة النقدية وتحركات الأسواق يساعد كثيرا في تحديد التوجهات المستقبلية للأسواق المالية ويمكن أن يوفر استراتيجيات فعالة للاستثمار في سوق الفوركس أو سوق الأسهم. ومع استمرار البنوك المركزية في استخدام الأدوات النقدية المتاحة لها لمواجهة التحديات الاقتصادية، ستظل تأثيرات هذه السياسات جزءًا أساسيًا من التحليل الاقتصادي للأسواق المالية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى